وكنت أظنها لا تفرجُ

هنادي ملا يوسف
نشرت منذ 7 سنوات يوم 31 مارس, 2018
هنادي ملا يوسف

وكم من أمر مستعصٍ يمر علينا في يومنا أو نسمع عنه وننظر إليه أنه ميئوس منه، ونفاجأ بفرج رب العالمين له! بل كم من باب بشري نكون قد طرقناه للموافقة على علاجنا أو توقيع أوراق توظيف لنا أو معاملة لتسهيل بناء منزلنا ولم نر أي استجابة! (كأنهم خُشُبٌ مسندة).. ثم نفاجأ بتسهيل رب العالمين وتسخيره لعباده الصالحين لنا لتفريج وتسليك أمورنا.. (ادعوني أستجب لكم).

كنت صغيرة، وأتذكر أنها لم يكن لديها ذرية ومضى على زواجها أربعة عشر عاما، حيث ذهبت الى مشارق الارض ومغاربها للعلاج، وآخر محطة كانت المملكة المتحدة، عندما أخبرها الطبيب المختص أن نسبة حصول حملها لا تتعدى النصف في المئة! كم كان رده كالصاعقة على قلب تلك المسكينة، التي لحظتها خاب أملها في الحصول على طفل يعينها على مشيبها! لم أنس رد والدتها لها (رحمها الله) عندما قالت: اذا رزقك الله بطفل فإنني سآكل «جت» (اي طعام البهائم) (اعزكم الله)! فكانت هي الأُخرى يائسة تماما. (لا تقنطوا من رحمة الله).

كل ما فعلت انها توجهت بحرقة وألم وإخلاص بالدعاء لرب الناس الذي لا يخيب سائله، وتركت أي علاج هرموني لانه لم يعد يُجدي معها.

كم هو اللطيف الخبير.. حيث رزقها بمولود ذكر بعد حملها بشهرين من عودتها من المملكة المتحدة (انا عند حُسن ظن عبدي بي).. كم كانت تدعو الله في كل حين أن يفعل ما هو اهله، كم كانت تتوسل بأن يكون هو بخير وألا يتعرض لاي أذى نفسي حتى وإن لم يلتقيا، سنوات طويلة تصارع المرض بصمت ولم تنسه من دعائها، على الرغم من أنه رفض علاجها رفضا تاما لاسباب لا تعلمها!
كان أملا جميلا وحلما في حياتها، كان هو العلاج بعينه ولكنه لم يدرك ذلك الا متأخرا.. تركته وتوجهت لخالقه، لانها ادركت انه هو المحبوب الحقيقي والمرجو في كل شدة وحين.. (واذا سألك عبادي عني فإني قريب)، شُفيت بفضل ايمانها بأن المعطي والشافي هو الله!

أنا اعلم ان الاطباء هم تسخير رب العالمين لنا بما اعطاهم من علم.. ولكن «يبقى فوق كل ذي علم عليم».. من جمال وأدب الامام الشافعي أبيات أحب أرددها:

  • ولرُب نازلةٍ يضيق بها الفتى … ذرعاً وعند الله منها المخرجُ
  • ضاقت فلما استحكمت حلقاتها … فُرجت وكنت أظنها لا تُفرجُ.

يقينك بالله هو حتما طوق النجاة لكل نازلة نزلت بك، فلم أجد شخصا سلّم أموره لله بتوكل ونفس مطمئنة الا أعطاه الله ضعف ما يتمنى، ولو بعد حين.

لا بأس، احلم وتمَن واسْع لان الحياة دقائق وثوان.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق